الإفتاء المصرية ترد على دعوى الهلالي للمساواة في الميراث

بعد الدعوى التي أطلقها الدكتور سعدالدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، للمساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، أصدرت دار الإفتاء المصرية، الأحد 20 أبريل 2025، بيانًا رسميًا أكدت فيه متابعتها الدقيقة لما يدور من نقاشات مجتمعية حول الدعوات المطالبة بالمساواة المطلقة في الميراث بين الذكور والإناث، والتي تُطرح تحت عناوين مثل “الاستفتاء الشعبي” أو “التطوع”.

وأوضحت الدار، انطلاقًا من مسؤوليتها الشرعية، جملة من النقاط الجوهرية التي ترد على هذه الدعوات وتكشف مغالطاتها.

1. التبرع الفردي لا يُنتج تشريعًا عامًا

أشارت دار الإفتاء إلى أن التبرع من مال الشخص، سواء للورثة أو غيرهم، باب من أبواب الإحسان، وهو جائز ومشروع شرعًا.

غير أن استخدام هذا الجواز الفردي ذريعة لاقتراح تشريع عام يُلغي الأحكام الشرعية القطعية للميراث، يعد خلطًا بين ما هو فردي اختياري وما هو إلزامي تشريعي، وهو طرح مغلوط لا يخفى فساده على ذوي البصيرة.

2. الفرضيات الجدلية لا تُنشئ أحكامًا شرعية

ردت دار الإفتاء على الفرضيات التي تقول: “لو وافق المجتمع على المساواة، فلماذا لا تُشرّع؟”، مؤكدة أن الأحكام الشرعية توقيفية لا تتغير بالتصويت ولا بالتوافق المجتمعي، إذ إن المواريث فريضة ربانية لا تقبل التعديل.

واستشهدت بقول الله تعالى: {فريضةً من الله} [النساء: 11]، مؤكدة أن التبرع لا ينفي عن الميراث صفة الفريضة، وأن مثل هذا المنطق يفتح الباب أمام من يأكل حقوق الآخرين بدعوى التراضي أو الإحسان.

3. فساد القياس على التبرع

وصفت دار الإفتاء القياس بين مشروعية التبرع وتغيير فريضة الميراث بأنه قياس باطل، يشبه الدعوة إلى توزيع أموال الأغنياء بالقوة بدعوى قدرتهم على التبرع.

وأكدت أن مثل هذا المنطق يهدم الحقوق، ويقوّض مبدأ صون الأموال.

4. استهداف النصوص القطعية

أوضحت الدار أن هذه الدعوات لا تهدف فقط إلى تحقيق “المساواة” كما يُزعم، بل إلى زعزعة مكانة النصوص الشرعية القطعية وتحويلها إلى محل نقاش وجدال، تمهيدًا للطعن في أحكام الأسرة وتقويض الثوابت الدينية.

5. فوضى التأويلات الباطلة

الإفتاء حذرت من أن قبول هذا المنطق يفتح أبوابًا واسعة أمام تأويلات فاسدة تُسوّغ نقض الأحكام الشرعية بدعوى الاجتهاد المجتمعي، في حين أن الحقيقة هي إلغاء مقصود للشريعة تحت مسمى الاجتهاد.

6. التبرع يفقد معناه إذا تحول إلى قانون

أشارت دار الإفتاء إلى أن تحويل مبدأ التبرع إلى قانون يفرض المساواة في الميراث يعني سلب الإنسان ماله تحت غطاء القانون، وإلزامه بما لم يُكلّفه الله به، وهو ما يمثل ظلمًا بيّنًا يخالف جوهر الشريعة الإسلامية.

7. خطورة الطرح على صورة المجتمع

نبهت الدار إلى أن الترويج لمثل هذه الأطروحات لا يخالف فقط شرع الله، بل يشوّه صورة المجتمع المصري في أعين المسلمين حول العالم، ويفتح بابًا للطعن فيه من قبل الجماعات المتطرفة التي تستغل هذه الدعوات للنيل من الدولة وتشريعاتها.

8. الثوابت الشرعية ليست محل تصويت

شددت دار الإفتاء على أن الأحكام القطعية – سواء في العبادات أو في التشريعات المالية والاجتماعية – لا يجوز طرحها للاستفتاء أو التصويت، لأنها تمثل ثوابت دينية غير قابلة للتغيير أو التبديل.

الدعوة إلى المساواة بالميراث ستار لهدم الشريعة

اختتمت دار الإفتاء بيانها بالتأكيد على أن هذه الدعوات، تحت مظلة التطوع أو الرأي العام، ليست سوى محاولة لهدم فريضة شرعية قطعية، وإلحاق الأمة بمفاهيم دخيلة ثبت فشلها في مجتمعات أخرى.

وأكدت أن أحكام الشريعة نورٌ يهتدى به، وحدودٌ لا تُتجاوز، وأن مسؤولية العلماء هي الوقوف بالمرصاد أمام محاولات العبث بالثوابت، والذود عنها بكل وضوح وحزم، لأن الإسلام سيظل محفوظًا مهما كثرت محاولات تغييره أو تحريفه.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *